زوجي العزيز.. عذرًا أطلب الطلاق
18 ألف حالة طلاق خلال شهر ديسمبر 2017، وانخفاض عقود الزواج بنسبة 44.8% عن العام الماضى.. هل شعرت بالصدمة من هذه الأرقام الضخمة التى أعلن عنها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مؤخرًا؟، إذا لم تشعر بذلك فأنت بالطبع غير مدرك لحجم الأزمة التى يعيشها شباب هذا الجيل، تلك التى تنذر بمستقبل أقل ما يوصف به أنه "مبهم".
"زوجى العزيز.. عذرًا أطلب الطلاق" ذلك الشعار الذى رفعته عدد كبير من السيدات فى وجه الرجال رافضات الاستمرار فى الحياة الزوجية والقبول بلقب "مطلقة" بدلًا من لقب "زوجة" الذى لا يحملن منه سوى المعنى الظاهرى أمام المجتمع فقط ، فلا سكن ولا مودة ولا رحمة ، ولا شيء سوى المشكلات التى جعلت من حياتهن "درس ممل" لم يفهمن منه شيء فهربن من امتحانه خوفًا من الرسوب فيه، أو جعلت من بعضهن ضحايا لا يحملن من حطام الدنيا سوى مجموعة من التشوهات النفسية والجسدية التى تسبب فيها أزواج لا يعترفون بطريقة للتعامل مع زوجاتهم سوى الضرب والعنف الجسدى والنفسى .
أصبح الانفصال من القرارات العادية بين شباب هذا الجيل، فتجد فتيات لم يتجاوزن الثلاثين وحاملات للقب "مطلقة" ، ورغم اعتقاد البعض أن الأمر قد يكون عبارة عن مشكلة فردية دفعت البعض منهن لاتخاذ مثل هذا القرار، إلا أننى أرى أنه تحول لظاهرة غير مفهومة، فحين أنظر حولى لعدد من خضن تلك التجربة أجد الأعداد مفزعة ، فليس من الطبيعى أن يعرف شخص واحد أكثر من 10 فتيات خضن هذه التجربة التى تركت فى قلوبهن ندبة يمكن أن يقضين فترة طويلة من حياتهن يحاولن علاجها ، تلك التى تكون أصعب فى حالة وجود طفل لم يقترف أى ذنب فى الدنيا سوى أن والديه قررا أن ينفصلا .
أتساءل يوميًا عن السبب الذى دفع آبائنا وأجدادنا لاستمرار حياتهم الزوجية لسنوات طويلة وصلت فى بعض الأحيان لـ "طول العمر"، إلا نماذج قليلة ممن قرروا الانفصال، وما هو الدافع الذى كان يساعدهم على الاستمرار فى الحياة الزوجية رغم وجود المشكلات؟، وأعقد مقارنة بسيطة بينهم وبيننا، فتارة أقول إن أغلب الزيجات قديمًا كانت تُبنى على معايير مختلفة عن تلك التى تتم على أساسها حاليًا ، فلا علاقة حب تُعمى البعض عن عيوب الطرف الآخر ، ولا ضغوط اجتماعية تدفع البعض الآخر لاتخاذ قرار الزواج خوفًا من حمل لقب "عانس" ، للدرجة التى دفعتهن لرفع شعار "مطلقة أحسن من عانس" ، وتارة أخرى أجد أن جملة "ما عندناش بنات تتطلق .. البنت تخرج من بيت جوزها عالقبر" التى كان يرددها الأهل فى ذلك الوقت كانت تدفع الفتيات للخوف من التصريح برغبتهن فى الانفصال، ويتحملن العيش مع رجال لا يربطهن بهم سوى الألم النفسى والمعنوى فى سبيل العادات والتقاليد البالية.
ورغم عرضى للأزمة من وجهة نظر طرف واحد وهو المرأة ، إلا أنه يمكن وصفها بالكارثة المجتمعية التى يعشيها هذا الجيل ، وتدفع البعض منهم للهروب من الزواج خوفًا من المرور بها وتفضيل حياة العزوبية على الدخول فى علاقة قد يكون مصيرها الفشل، وتحتاج لحل سريع لأن القادم أسوأ مما يمكن أن نتخيله.